بعد وفاة سجين سياسي.. منظمات حقوقية تنتقد انتهاكات وأوضاع المعتقلين في إيران
بعد وفاة سجين سياسي.. منظمات حقوقية تنتقد انتهاكات وأوضاع المعتقلين في إيران
توفي السجين السياسي الإيراني فرزاد خوش برش بعد أيام قليلة من اعتقاله في مركز احتجاز تابع لوزارة الاستخبارات في محافظة مازندران، في حادثة أثارت قلق المنظمات الحقوقية المحلية والدولية حول مصير وأوضاع السجناء السياسيين داخل إيران.
تفاصيل الوفاة ومصادر متضاربة
وبحسب ما ذكرت "إيران إنترناشيونال" الأربعاء، أكدت السلطة القضائية الإيرانية وفاة خوش برش بعد نقله إلى المستشفى يوم الأحد 15 نوفمبر، مشيرة إلى أنه توفي نتيجة "ظهور أعراض مرض" بعد الإفراج عنه بكفالة في اليوم نفسه ولم تشر التقارير الرسمية إلى أي وجود لتعذيب أو ضرب.
وفي المقابل، نقلت منظمة "هنغاو" لحقوق الإنسان عن مصدر مقرب من العائلة أن خوش برش توفي بعد أسبوع من اعتقاله، مع ظهور آثار ضرب وكدمات في جسده، وهو ما يثير الشكوك حول ملابسات وفاته، وأشارت المنظمة إلى أن عناصر استخباراتية حضروا أثناء دفنه، وقاموا بالتقاط صور ومقاطع فيديو للحاضرين، محذرين من نشر أي معلومات عن الحادثة.
وكان خوش برش قد اعتُقل للمرة الثانية في 12 نوفمبر الجاري بعد اعتقال سابق في أغسطس، على خلفية نشر منشورات وقصص ذات طابع سياسي، ثم أُفرج عنه بكفالة.
وفيات السجناء السياسيين
تأتي وفاة خوش برش في سياق سلسلة طويلة من حالات الوفاة بين السجناء السياسيين داخل إيران خلال السنوات الماضية، ومن بين الأسماء البارزة في هذه السلسلة: حسن ساعدي، كاووس سيد إمامي، سینا قنبري، سارو قهرماني، وحید حیدري، کیانوش زندي، ستار بهشتي، زهرا كاظمي، محسن روح الأمينی، محمد كامراني، أمير جوادي فر، زهرا بني یعقوب، جواد روحي، إبراهيم ريكي، سپهر شیراني، إبراهيم لطف اللهي، سعيد إمامي، ومحمود رخشاني.
كما سجلت حالات مماثلة بين المحتجزين بتهم جنائية عادية، نتيجة التعذيب أو الضرب، خلال العقود الأربعة الماضية، مثل إيمان حسنوند، مهرداد طالشي، ميلاد جعفري، محمد كركیج، جواد خسروانيان، وأمير حسين حاتمي
الانتهاكات القانونية والدستورية
رغم الحظر الواضح للتعذيب في المادة 38 من الدستور الإيراني التي تمنع استخدام أي شكل من أشكال التعذيب للحصول على اعترافات أو جمع المعلومات، لا تزال الانتهاكات مستمرة في السجون، وتعتمد الحكومة الإيرانية على وجود هذه المادة لتبرير رفضها الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وهو ما يفاقم المخاوف الدولية حول معاملة السجناء.
ردود فعل الحقوقية المحلية والدولية
تتعرض انتهاكات حقوق الإنسان بحق المعتقلين السياسيين في إيران لانتقادات واسعة، فقد أدانت منظمة "هنغاو" وفاته وطالبت السلطات الإيرانية بالكشف عن ملابساتها بشكل شفاف ومستقل، مشيرة إلى أن وفاة خوش برش تأتي ضمن سياق واسع من القمع ضد السجناء السياسيين والنشطاء في إيران، وأكدت ضرورة التحقيق المستقل في جميع حالات وفاة السجناء، وتقديم المسؤولين عن الانتهاكات للمحاسبة، بما يتوافق مع الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان.
وفي السياق، أشارت منظمات حقوقية بارزة إلى استمرار سوء المعاملة والإخفاء القسري داخل السجون الإيرانية، فقد نددت منظمة هيومن رايتس ووتش بسوء ظروف الاحتجاز وانعدام الرعاية الصحية بعد هجمات سجن إيفين، معتبرة أن العديد من المحتجزين يواجهون حياة مهددة بالخطر.
كما طالبت منظمة العفو الدولية بإجراء تحقيق مستقل في وفاة سجناء سياسيين، مشيرة إلى حالات تعذيب وسوء معاملة أدت إلى وفاتهم، وطلبت محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، إضافة إلى ذلك، طالبت أكثر من أربعين منظمة حقوقية دولية بإجراء تحقيق مستقل بشأن الضرب والتعذيب الذي تعرضت له السجينات السياسيات في سجن إيفين، مؤكدة أن الانتهاكات تمثل خرقاً صارخاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومنها الحق في الحياة والحرية والأمان الشخصي، وتؤكد ضرورة وضع حد للإفلات من العقاب ومساءلة المسؤولين.
تداعيات اجتماعية وسياسية
تسلط هذه الحوادث الضوء على معاناة السجناء في إيران، وتأثيرها المباشر في أسرهم والمجتمع المدني، ويشير الخبراء إلى أن حالات الوفاة هذه تزرع الخوف بين المواطنين، وتحد من حرية التعبير والنشاط السياسي، خاصة بين الناشطين والصحفيين، ويأتي هذا في وقت تواجه فيه إيران انتقادات واسعة من المجتمع الدولي بسبب سجلها في حقوق الإنسان، وسط دعوات مستمرة لتعزيز الشفافية وضمان حقوق السجناء.
شهدت إيران على مر العقود سلسلة من الانتهاكات بحق السجناء السياسيين، بدءًا من الثورة الإسلامية عام 1979، مرورًا بالعقود التالية التي شهدت اعتقالات واسعة، وتعذيباً ممنهجاً في مراكز الاحتجاز الرسمية، وصولاً إلى حالات وفاة متعددة داخل السجون، وقد وثقت تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية هذه الانتهاكات على نحو متكرر، مع التأكيد أن غياب التحقيقات المستقلة وغياب المساءلة القانونية يفاقم من حجم الأزمة.
المنظور الدولي
تؤكد الهيئات الأممية أن الحفاظ على حقوق السجناء السياسيين جزء أساسي من التزامات الدول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يحظر التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة، ويشير الخبراء إلى أن تجاهل هذه الالتزامات يشكل تهديداً للشرعية الدولية ويزيد من العزلة السياسية للدولة على المستوى الدولي.
تمثل وفاة فرزاد خوش برش حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانتهاكات التي تطول السجناء السياسيين في إيران، وتظل أسئلة كثيرة حول ظروف احتجازه والتعذيب المزعوم بدون إجابات رسمية شفافة، وبينما تدعو المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى التحقيق المستقل ومساءلة المسؤولين، يظل المجتمع الإيراني يعيش حالة من القلق والترقب حول مصير حقوق السجناء وحرية التعبير، وسط استمرار القيود على النشاط السياسي والصحفي في البلاد.
توضح المادة 38 من الدستور الإيراني حظر التعذيب صراحة، لكنها لم تمنع في الواقع استمرار حالات الانتهاك في مراكز الاحتجاز، وقد وثقت منظمات حقوق الإنسان العديدة حالات اعتقال تعسفي وتعذيب داخلي للسياسيين والنشطاء والصحفيين، كما أن إيران لم تنضم بعد إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، الأمر الذي يزيد من صعوبة محاسبة المسؤولين داخلياً، وتُظهر هذه القضايا استمرار التوتر بين الالتزامات الدولية وواقع حقوق الإنسان في البلاد، ما يعكس الحاجة الماسة لمراقبة دولية متواصلة وضغط مستمر لضمان حماية السجناء من الانتهاكات.











